مأذون شرعي : الطلاق  تجربة قاسية ودروس لا تُنسى

الطلاق ليس مجرد إجراء قانوني يتم توثيقه عند المأذون الشرعي  ، سواء كان طلاقًا حضوريًا يتم بحضور الطرفين، أو طلاقًا غيابيًا يتم في غياب أحد الأطراف. إنه قرار مصيري يحمل في طياته العديد من العواقب النفسية والاجتماعية والاقتصادية. كثيرًا ما يُتخذ هذا القرار بناءً على ضغوط خارجية أو لحظات ضعف، لكنه غالبًا ما يكون بداية لمرحلة مليئة بالندم والتحديات.

دروس مستفادة من تجربة الطلاق

سُئلت مطلقة عن أهم الدروس التي تعلمتها بعد انفصالها، فأجابت:

• عدم التهور : القرارات المصيرية تحتاج إلى دراسة متأنية، وليس إلى ردود فعل سريعة.

• الاستماع أكثر من التحدث: أحيانًا يكون الحل في فهم الطرف الآخر وليس في الجدال والصدام المستمر.

• ترك الباب مواربًا: الحياة مليئة بالفرص، وربما يكون هناك مجال آخر لإصلاح الأمور قبل اتخاذ قرار نهائي.

• مواجهة المشكلات بنفسها: بعض التدخلات الخارجية قد تزيد الأمور سوءًا بدلًا من حلها.

الأسرة ودورها في اتخاذ قرار الطلاق

هل دعمكِ أهلكِ في قرار الطلاق ؟

"نعم، لم يحاول أحد نصحي بالحفاظ على بيتي، لم يقل لي أحد كلمة واحدة تدعوني لإعادة النظر. الجميع كان مشغولًا بدعمي في قراري دون التفكير في العواقب."

هل كانوا بجانبكِ بعد الطلاق كما كانوا عند اتخاذ القرار ؟

"لا أحد لديه وقت لي أو لأطفالي الآن. أخي الذي كان يهاجم طليقي تزوج وأنجب، وإذا غضبت زوجته، يسعى لإرضائها بكل الطرق، خوفًا من أن تعيش نفس تجربتي. تعلمت من هذه التجربة أن المشاكل الزوجية يجب أن تُحل داخل البيت، وليس بتدخل الآخرين."

ماذا حدث لأموال الطلاق والقائمة ؟

"كل من احتاج شيئًا من أهلي أخذ ما يريد، أما باقي القائمة، فهي ملقاة في مخزن تحت المنزل بلا قيمة."

هل تفكرين في العودة إلى طليقكِ ؟

"أتمنى ذلك، لكنني أعلم أنه لن يفكر في إعادتي بعدما تعرض للإهانة واضطر لخوض معارك في محاكم الأسرة. اليوم، يندم على زواجنا، تمامًا كما أندم أنا على الطلاق."

الطلاق: بين القرار والواقع

الطلاق ليس مجرد ورقة تُوقع عند مأذون شرعي في فيصل أو مأذون شرعي في حدائق الأهرام، بل هو تحول جذري في حياة الشخص. العديد من الأزواج يظنون أن الحل يكمن في الانفصال، ولكنهم لا يدركون حجم الفراغ الذي يتركونه وراءهم، ولا يعلمون كيف سيكون شكل حياتهم بعد الطلاق.

في بعض الأحيان، يكون الطلاق ضروريًا لإنهاء معاناة نفسية أو لحماية طرف ضعيف، لكنه لا يجب أن يكون الخيار الأول عند مواجهة المشكلات الزوجية. من الضروري البحث عن حلول أخرى مثل الاستشارة الزوجية، التفاهم، وتقديم التنازلات إذا لزم الأمر.

التأثيرات السلبية للطلاق

1. التأثير على الأبناء

الطلاق يؤثر بشكل كبير على الأطفال، حيث يُحرمون من بيئة أسرية مستقرة، وقد يعانون من مشاكل نفسية وسلوكية نتيجة الانفصال.

2. التحديات المالية

المرأة المطلقة قد تجد نفسها في وضع مالي صعب، خاصة إذا كانت تعتمد على زوجها ماديًا. حتى إن حصلت على مستحقاتها، فقد لا تكون كافية لتوفير حياة كريمة لها ولأطفالها.

3. الضغط الاجتماعي

في مجتمعنا، قد تواجه المطلقة نظرات سلبية من المجتمع، سواء كانت نظرات شفقة أو لوم. قد تجد نفسها وحيدة بعدما كانت محاطة بالأهل والأصدقاء.

4. الشعور بالندم

في كثير من الحالات، تدرك المطلقة بعد فوات الأوان أن مشكلاتها الزوجية كانت قابلة للحل، وأن قرار الطلاق لم يكن الحل الأفضل.

الطلاق ليس دائمًا الحل

من السهل أن ينصحكِ الآخرون بالطلاق، لكن من يستطيع تحمل مسؤولية قرار كهذا؟

الطلاق ليس مجرد توقيع أمام مأذون شرعي في التجمع أو أي مكان آخر، بل هو خطوة تحمل عواقب تمتد لسنوات. لذا، يجب التفكير فيه بعمق، وعدم اتخاذه كرد فعل لحظي.

قال تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ."

اللهم احفظ بيوت المسلمين من كل سوء، وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.